الخميس، 4 يونيو 2009

معارضة حادة امريكية بسبب زيارة اوباما لمصر


اعتبرت مجلة "فورين بوليسي" الاميركية، أن الرئيس الاميركي باراك أوباما أخطأ باختياره القاهرة لإلقاء خطابه الموجه إلى العالم الإسلامي، بناء على وعده في برنامجه الانتخابي، مرجعة ذلك إلى أن الزيارة بدت كما لو أنها مكافأة لما وصفته بـ "النظام القمعي" الحاكم في مصر. وقالت إن اختيار أوباما للقاهرة فُسِر من قبل العرب والمصريين، باعتباره دليلاً على تخلي أوباما عن الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان، داعية إياه إلى استغلال فرصة وجوده في مصر لصالح إرساء الديمقراطية وحقوق الإنسان، وأن يحاول التواصل مع "الإخوان المسلمين"، وانتقاد النظام المصري على قمعه الجماعة، في وقت يحاول فيه المشاركة في اللعبة الديمقراطية.

وأضافت أنه بالرغم من أن خطة أوباما الطموحة بالتواصل مع العالم الإسلامي التي أعلنها للمرة الأولى في فيلاديفيا أثناء حملته الانتخابية لاقت ترحيبا كبيرا على المستوى العالمي، إلا أن اختياره القاهرة لمخاطبة العالم الإسلامي لم يحظ بالترحيب نفسه وما زال يشكل عددا من التحديات للرئيس الجديد. ورأت أن أوباما أخطأ باختياره للقاهرة، "لأن هذه الزيارة بدت كما لو أنها مكافأة لنظام مبارك القمعي"، كما أنها فسرت من قبل العرب والمصريين على أنها دليل على تخليه عن الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان، بالمقارنة بالخطاب الذي ألقته وزيرة الخارجية الاميركية السابقة كوندوليزا رايس في القاهرة عام 2005، الذي دعت فيه إلى نشر الديمقراطية في العالم العربي، فضلا عن الجهود التي بذلتها إدارة جورج بوش لدفع قضية الديمقراطية في المنطقة.

وأشارت إلى أن نظام مصر الحاكم يعاني من مشكلة خطيرة في سياسته الخارجية، تتمثل في الضغط الإسلامي الداخلي على الحكومة لإعادة تشكيل مواقفها، فيما يتعلق بتوجهاتها من قضايا الشرق الأوسط ولاسيما القضية الفلسطينية، فضلا عن الحرب التي تشنها ضد إيران و"حزب الله" والغضب الشعبي المتزايد من إصرار الحكومة على إغلاق الأنفاق، ووقف تهريب الأسلحة إلى غزة، إلى جانب الانقسامات العربية، التي تمثل مصر جزءا منها والتي تحول دون التوصل إلى نهج جديد لحل القضايا المشتركة.

حسابات المكسب والخسارة خلال زيارات اوباما الشرق اوسطية


تدخل منطقة الشرق الأوسط في الأسابيع الستة المقبلة مرحلة سياسية ناشطة، ستتكلل بصياغة الإدارة الأمريكية موقفها وخطة تحركها والآليات التي ستعتمدها والمقاربات الجديدة التي ستأخذ بها حيال جميع ملفات المنطقة خاصة القضية الفلسطينية، وذلك خلال زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لمصر وتوجيهه رسالة إلى العالم الإسلامي من القاهرة في يونيو المقبل.
وتعد الزيارات التي سيقوم بها عدد من المسئولين العرب - أبرزهم الرئيس المصري محمد حسني مبارك ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس - ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى واشنطن هذا الشهر، حاسمة في بلورة تصور الرئيس أوباما وخطته لإحياء عملية السلام التي سيطرحها في القاهرة، واضعا الكرة في ملعب هذه الأطراف والتحرك على أساس هذه الخطة.
وبالتالي ستكون زيارة أوباما للقاهرة خطوة هامة وجريئة فى طريق طويل وشاق لحل القضية الفلسطينية، ووضع حد للصراع العربى الإسرائيلى الممتد لأكثر من ستين عاما، خاصة في ظل حالة التوتر السائدة فى منطقة الشرق الأوسط بسبب السياسة الإسرائيلية العدوانية والتوسعية واستمرار ممارسة أعمال العنف والقتل والتدمير ضد الفلسطينيين الأبرياء على مرأى ومسمع من العالم.
ولم يأت التحرك الأمريكي من فراغ لحسم هذا الملف إنما جاء بناء على تجاوزات السياسة الإسرائيلية والإساءة التي سببتها للولايات المتحدة من انتشار موجة الكراهية والعداء ضدها باعتبارها الراعية الأولى لإسرائيل والداعمة لها فى جميع المحافل، إضافة لتزويدها بأحدث الأسلحة لضمان تفوقها على جيرانها العرب بزعم أنهم يريدون تدميرها والقضاء عليها.
إلا أن الخبراء اختلفوا حول هذا التحرك الأمريكي وكيفية معالجة أوباما للصراع العربي الإسرائيلي، فالبعض يري أن أوباما سيعمد إلى صياغة خطته الجديدة على أساس حل "رزمة إقليمية" تشمل سائر ملفات وأزمات المنطقة ككل، وأنه لن يفضل فصل القضايا عن بعضها حتى لا تحدث أية تشابكات هو في غني عنها.
كذلك فإن بعض العناصر الأولية لخطة الرئيس الأمريكي ستقوم حيال عملية السلام على أسس سيكون في صلبها مبادرة السلام العربية التي طالما نادت بها مصر ووضعتها أساسا للسلام العربي الإسرائيلى، بالإضافة إلى الاتفاقات السابقة ولاسيما خطة خارطة الطريق وتفاهمات "أنابوليس".
وأعربوا عن اعتقادها بأن الرئيس أوباما جاد في عدم إضاعة الوقت وبإحداث إختراق سريع وباعتماد خطة التزامن والتبادل في الالتزامات الفلسطينية والإسرائيلية بخلاف خطة الرئيس السابق جورج بوش القائمة على التتابع، والتي كان بموجبها أن يقوم الجانب الفلسطيني بمحاربة ما يسمى الإرهاب وتفكيك بنيته التحتية قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة خارطة الطريق القاضية بوقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
فيما يري البعض الأخر أن إدارة أوباما لا تخفي مشاركتها إسرائيل رفض حل قضية اللاجئين على أساس حق العودة، وبالتالي فإن طريق أوباما ستتبنى خطة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون التي طرحها في مفاوضات طابا عام 2000 ، والتي تتضمن عودة رمزية لعدد محدود من الفلسطينيين على أساس لم شمل وحق العودة لمن يرغب إلى أراضى الدولة الفلسطينية في الضفة والقطاع أو توطينهم في بلدان اللجوء الحالية أو توطينهم في بلد ثالث، وتعويض جميع من لا يرغب في العودة من خلال صندوق دولي يقام لهذا الغرض.
وأوضحوا أن خطة أوباما ستراعي مصالح جميع الأطراف والشروع بالتحرك وفقا لجدول زمني صارم والتزامات متبادلة وواضحة لا مجال فيها لتعدد الاجتهادات والتفسيرات واعتماد مؤشرات وأدوات قياس متفق عليها بين الأطراف المعنية وبمشاركة مختلف عواصم القرار الدولية والإقليمية.
وبدورهم، يتوقع الفلسطينيون أن إدارة الرئيس أوباما لن تعمد إلى الاستفراد بملف عملية السلام على غرار ما فعلت الإدارة السابقة، وستعمل على دمج مختلف الأطراف بهذه العملية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة حتى لا تستثني أي طرف فاعل وقادر على تعطيل عملية السلام وتخريبها.
حيث قال السفير الفلسطيني الجديد في واشنطن معن عريقات - في تصريحات صحفية - إن الساحة الأمريكية تعتبر من أهم الساحات في العمل الدبلوماسي والسياسي نظرا لما تمثله الولايات المتحدة من دور كبير وثقل في العالم الدولي، معربا عن تفاؤله من تصريحات الرئيس أوباما بقوله :"هناك إشارات ايجابية والتصريحات الأخيرة خير دليل، لكننا ننتظر لتتضح أكثر السياسة الأمريكية وتأخذ خطوات عملية من شأنها أن تحقق إقامة الدولة الفلسطينية وهو موقف ينسجم مع الرؤية الأمريكية بشان حل الدولتان".
الرئيس الفلسطيني محمود عباس
مشيرا إلى أن خطة أوباما ستقر بضرورة الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية حتى حدود عام 1967 مع إجراء تعديلات محدودة ومتساوية بالكم والنوع يتفق عليها الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي، دون أن يجحف أي تعديل بتواصل جغرافي للدولة الفلسطينية، بالإضافة إلى ضرورة فتح ممر آمن بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وبشأن مصير مدينة القدس، قالت مصادر فلسطينية إن مسئولي البيت الأبيض الذين يعكفون على بلورة الخطة على قناعة بأنه لا يمكن لأي حل أن يرى النور دون إيجاد حل يضمن للفلسطينيين إقامة عاصمتهم في القدس سواء في إطار عاصمة موحدة لدولتين أو في إطار عاصمتين لدولتين تكون الأحياء العربية عاصمة الدولة الفلسطينية، وإيجاد صيغة مقبولة لإدارة الأماكن المقدسة وربما مشاركة عدد من الأطراف المعنية مثل الأردن والسعودية والمغرب بالإضافة لإسرائيل والدولة الفلسطينية في إدارة ما تسميه إسرائيل بالحوض المقدس.
وأكدت المصادر أنه بانتظار أن توضع خطة أوباما موضع التنفيذ، ستقوم الإدارة الأمريكية بالمشاركة وتسهيل إعادة بناء وتأهيل مؤسسات السلطة الفلسطينية، لاسيما أجهزتها الأمنية وتوسيع مناطق سيطرتها في مدن الضفة، وستقدم الإدارة الأمريكية بموجب الخطة ضمانات أمنية لإسرائيل سواء بتزويدها بأسلحة متطورة أو من خلال نشر قوات متعددة الجنسيات في الأراضي الفلسطينية لمساعدة السلطة على ضبط الأمن من جهة وتهدئة المخاوف والهواجس الأمنية الإسرائيلية من جهة أخرى.
التقارب مع العالم الإسلامي
وبعيدا عن القضية الفلسطينية يعد قرار أوباما تحديد مصر لتوجيه خطابه إلى العالم الإسلامي مبادرة جديرة بالاهتمام والترحيب وغير مسبوقة، ويزيد من أهميتها أنها صادرة عن رئيس أمريكي يتحدث بلغة رحبة ومنفتحة على نحو غير معهود خاصة في الفترة الأخيرة.
كما يعتبر استمرارا للخطوط العريضة والتوجهات الخارجية العامة لأوباما وحرصه منذ حملته الانتخابية وبعد تسلمه مهام الرئاسة على التأكيد بأنه يحمل خطة مختلفة للتعاطي مع الملفات الدولية، خاصة بعدما أكد التزامه بالحوار كأداة أساسية لسياسته الخارجية وبهذه اللغة خاطب إيران ومد يد التواصل من دون شروط مسبقة، وبها أيضا خاطب موسكو داعيا إلى فتح صفحة جديدة، كما تحدث خلال زيارته لتركيا بمفردات التطمين والرغبة في التقارب تجاه العالم الإسلامي.
ومن المفترض أن تكون زيارة الرئيس الأمريكي هذه بمثابة تصحيح للسياسات الخاطئة في المنطقة، خاصة أنه يدرك أن العلاقات مشوبة بالحظر بعد السياسات الجائرة والمنحازة التي اعتمدتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة تجاه القضايا التي تهم العالم الإسلامي وتحديدا القضية الفلسطينية باعتبارها قضيته المركزية فالانفلات العدواني الإسرائيلي اعتمد دوما على الغطاء الذي وفرته له واشنطن باستمرار.
ويتطلع العالم الإسلامي إلى موعد زيارة أوباما إلي مصر يوم 4 يونيو المقبل ليسمع منه مباشرة ويطلع على ما في جعبته وبالأخص في ما يتعلق بالملف الفلسطيني فهو الأساس والامتحان الفاصل، ولذلك سيكون الرئيس الأمريكي مطالب بترجمة أقواله إلى أفعال حقيقية بعيد عن الشعارات التي لن تجدي في ظل تدهور الأوضاع في المنطقة بصورة كبيرة.
وكانت زيارة أوباما الأخيرة لتركيا قد شكلت رسالة على حسن النوايا تجاه المسلمين، بعدما قال في خطابه البرلمان التركي :"إن المسلمين الامريكيين أثروا الولايات المتحدة. وهناك كثير من الأمريكيين الآخرين الذين لديهم مسلمون في عائلتهم أو عاشوا في بلد فيها أغلبية مسلمة. أنا أعرف ذلك شخصيا لانني واحد من هؤلاء."
وأكد أوباما أن الولايات المتحدة ''ليست في حرب ولن تكون في حرب مع الإسلام''، مضيفاً ''إن شراكاتنا مع العالم الإسلامي حاسمة في وضع حد لأيديولوجية العنف التي يرفضها أتباع جميع الديانات''، وتابع أوباما قائلا ''المستقبل يعود لمن يبتكر وليس لمن يدمر، وهذا هو المستقبل الذي يتعين علينا العمل من أجل تحقيقه، وعلينا القيام بذلك معا''.
ويتفاءل رجال الدين بزيارة أوباما لمصر بهدف توجيه رسالة إلى العالم الإسلامي من القاهرة، حيث أعرب فضيلة الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر الشريف عن أمله فى أن يدعم توجه الرئيس الأمريكى جهود الحوار العاقل بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامى ويساهم فى تعزيز الحوار بين الثقافات والحضارات المختلفة لنشر قيم العدل والمساواة والخير ومواجهة الكراهية والعنف.
شيخ الازهر محمد سيد طنطاوى
كما أعرب عن أمله فى أن يكون الأزهر ـ باعتباره منبرا للوسطية والإعتدال وللحضارة الإسلامية ـ المكان الذى يوجه منه أوباما خطابه إلى العالم الإسلامى، معلنا ترحيبه بدعوة بعض العلماء المسلمين باستضافة الأزهر للرئيس الأمريكى لتوجيه رسالته للعالم الإسلامى من رحاب الأزهر الشريف.
وأشار شيخ الأزهر إلى أهمية إقامة علاقات طيبة بين المسلمين والغرب على أساس من الشراكة والإحترام المتبادل ومراعاة خصوصية العالم الإسلامى .
من جهته ، اعتبر الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية أن بتوجيه أوباما خطابا للعالم الإسلامى من أرض مصر الشهر المقبل خطوة إيجابية لبناء الثقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والعالم الاسلامى، مشيرا إلى ضرورة أن تكون العلاقة بين الجانبين قائمة على الشراكة والإحترام المتبادل مع ضرورة مراعاة خصوصية العالم الاسلامى .
وأكد مفتى الجمهورية على أهمية إقتران الأقوال بالأفعال فى تعامل الولايات المتحدة الأمريكية مع العالم الاسلامى وعدم الكيل بمكيالين، والحرص على نشر العدالة والسلام والإستقرا ، والتعاون بشكل صادق مع الدول الإسلامية والعربية من أجل إقرار السلام العادل والشامل فى منطقة الشرق الأوسط.